قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)) البقرة.
قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا، وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَفِي الرِّقَابِ، وَالْغَارِمِينَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاِبْنِ السَّبِيلِ، فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)) التوبة.
حديث: عن جرير بن عبدالله – ﷺ- قال: كنا في صدر النهار عند رسول الله – ﷺ – فجاءه قوم عُراة مُجتابي النِّمار – أو العَباء – متقلِّدي السيوف، كلهم من مضرَ؛ فتمعَّر وجهُ رسول الله – ﷺ- لِما رأى بهم من الفاقةِ، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذَّن وأقام، ثم صلى، ثم خطب وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [النساء: 1]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: 18]، تصدَّقَ رجلٌ من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّه، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشِق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرَّة كادت كَفُّه تَعجِز عنها، ثم تتابَعَ الناسُ حتى رأيت كَوْمَينِ من طعامٍ وثياب، حتى رأيتُ وجه رسول الله – ﷺ – يتهلَّل كأنه مُذْهَبَة؛ فقال رسول الله – ﷺ -: ” مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر مَن عمِل بها بعده، من غير أن يَنقُص من أجورهم شيء…”
[رواه. مسلم]


” إن الإنسان السوي، الذي ينبض قلبه بالحب والمشاعر الإنسانية النبيلة، يؤذيه أن يكون هو في حالة من الشبع والري، وأن يرى أنسان آخر يقابله في حالة من الجوع والعطش، كما يؤلم مشاعره وبؤبؤ عينيه، أن يكون هو مكتسياً أفضل الحلل واللباس، ويرى أمامه إنسان آخر عاري البدن، نحيف الجسم، ليس عليه من اللباس ما يكرمه، ويستر عَوَرَه وعورته، كما يحزنه أن يكون أولاده يتعلموا في أحسن المدارس وأجملها، ويرى آخرين من أولاد الناس يقفزون في الأزقة والشوارع والأسواق، وهم يُحرَمُون من فضيلة الانتساب إلى مدرسة، تعلمهم كيف يقرؤا ويكتبوا ويتعلموا ويرتقوا في عقولهم وإنسانيتهم، كما يَعْتَصِرُ قلبَه الحزنُ، أن تكون زوجته وبناته وأفراد أسرته، في نعيم التنعم بنعم الدنيا من كل ألوانها وأشكالها، ويسمع أو يرى، زوجات وبنات وأفراد أسر آخرين في الشرق أو الغرب، في الشمال أو الجنوب من كُرَتِنَا الأرضية الصغيرة، وهم يُحْرَمُون من أبسط الخدمات، والضرورات، والحاجات الإنسانية، التي تليق بكرامة أي إنسان على وجه الأرض، خاصة أن كثيراً من المتنعمين بنعم الحياة الوافرة، هم يعتمدون على المواد والثروات الطبيعية، التي تُستَخْرَج من أرض هؤلاء الفقراء الذين فاتهم قطار التمدن والتطور والنمو، فلا أقل من أن يشارك هؤلاء المتطوعون والمتبرعون في مد يد العون لأمثال هؤلاء، نوعاً من رد شيء من الإحسان، إلى هؤلاء المحتاجين، الذين كانوا في سالف أيامهم من المحسنين والمعطائين، والأيام دول، يوم تكون فيه يدك عليا، ويوم تكون فيه يدك سفلى، والسابق إلى التبرع والخير والعطاء هو الرابح الفائز السعيد”.